سورة الكهف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
{الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب} العبد هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه بالعبودية تشريفاً له، وإعلاماً باختصاصه وقربه، والكتاب القرآن {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} العوج بكسر العين في المعاني التي لا تحسن، وبالفتح في الأشخاص كالعصا ونحوها، ومعناه عدم الاستقامة، وقيل فيه هنا: معناه لا تناقض فيه ولا خلل، وقيل: لم يجعله مخلوقاً، واللفظ أعم من ذلك {قَيِّماً} أي مستقيماً، وقيل قيماً على الخلق بأمر الله تعالى، وقيل، قيماً على سائر الكتب بتصديقها، وانتصابه على الحال من الكتاب، والعامل فيه أنزل، ومنع الزمخشري ذلك للفصل بين الحال وذي الحال، واختار أن العامل فيه فعل مضمر تقديره جعله قيماً {لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً} متعلق بأنزل أو بقيماً، والفاعل به ضمير الكتاب أو النبي صلى الله عليه وسلم، والبأس العذاب، وحذف المفعول الثاني وهو الناس، كما حذف المفعول الآخر من قوله: وينذر الذين لدلالة المعنى على المحذوف {مِّن لَّدُنْهُ} أي من عنده، والضمير عائد على الله تعالى {أَجْراً حَسَناً} يعني الجنة {ماكثين فِيهِ} أي دائمين، وانتصابه على الحال من الضمير في لهم {وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً} هم النصارى لقولهم في عيسى، واليهود لقولهم في عزير، وبعض العرب لقولهم في الملائكة {مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} الضمير عائد على قولهم، أو على الولد.
{كَبُرَتْ كَلِمَةً} انتصب على التمييزعلى الحال ويعني بالكلمة قولهم اتخذ الله ولداً: وعلى هذا يعود الضمير في كبرت.


{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)}
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} أي قاتلها بالحزن والأسف، والمعنى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عن عدم إيمانهم {على آثَارِهِمْ} استعارة فصيحة: كأنهم من فرط إدبارهم قد بعدوا فهو يتبع آثارهم تأسفاً عليهم، وانتصب أسفاً على أنه مفعول من أجله، والعامل فيه باخع نفسك.


{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا} يعني ما يصلح للتزين كالملابس والمطاعم، الأشجار والأنهار وغير ذلك {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً} أي لنختبرهم أيهم أزهد في زينة الدنيا {وَإِنَّا لجاعلون مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً} المعنى إخبار بفناء الدنيا وزينتها، والصعيد هو التراب، والجرز: الأرض التي لا نبات فيها: أي سيفنى ما على الأرض من الزينة وتبقى كالأرض التي لا نبات فيها، بعد أن كانت خضراء بهجة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8